فصل: سنة ثمان وثمانين ومئتين:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: العبر في خبر من غبر (نسخة منقحة)



.سنة ست وثمانين ومئتين:

فيها التقى إسماعيل بن أحمد بن أسد الأمير، عمرو بن الليث الصفار بما وراء النهر، فانهزم أصحاب عمرو، وكانوا قد ضجروا منه، ومن ظلم خواصه، ولا سيما أهل بلخ، فإنهم نالهم بلاء شديد من الجند، فانهزم عمرو إلى بلخ، فوجدها مغلوقة، ففتحوا له ولجماعة يسيرة، ثم وثبوا عليه، فقيدوه وحملوه إلى إسماعيل، أمير ما وراء النهر، فلما دخل عليه، قام إليه واعتنقه وتأدب معه، فإنه كان في أمراء عمر وغير واحد مثل إسماعيل وأكبر، وبلغ ذلك المعتضد ففرح، وخلع على إسماعيل خلع السلطنة، وقلده خراسان وما وراء النهر، وغير ذلك، وأرسل إليه، يلح عليه في إرسال عمرو بن الليث، فدافع، فلم ينفع، فبعثه وأدخل بغداد على جمل، بعد أن كان يركب في مائة ألف، وسجن ثم خنق وقت موت المعتضد.
وفيها ظهر بالبحرين، أبو سعيد الجنابي القرمطي، وقويت شوكته، وانضم إليه جمع من الأعراب، فعاث وأفسد وقصد البصرة، فحصنها المعتضد، وكان أبو سعيد كيالاً بالبصرة، وجنابة قرية من قرى الأهواز.
قال الصولي: كان أبو سعيد فقيراً يرفو أعدال الدقيق، فخرح إلى البحرين، وانضم إليه طائفة من بقايا الزنج واللصوص، حتى تفاقم أمرم، وهزم جيوش الخليفة مرات.
وقال غيره: ذبح أبو سعيد الجنابي في حمام بقصره، وخلفه ابنه أبو طاهر الجنابي القرمطي، الذي أخذ الحجر الأسود.
وفيها توفي أحمد بن سلمة النيسابوري الحافظ أبو الفضل، رفيق مسلم في الرحلة إلى قتيبة. وفيها الزاهد الكبير أحمد بن عيسى. أبو سعيد الخراز شيخ الصوفية، وهو أول من تكلم في علم الفناء، والبقاء، قال الجنيد: لو طالبنا الله بحقيقة ما عليه أبو سعيد الخراز لهلكنا.
وفيها عبد الرحيم بن عبد الله بن عبد الرحيم بن البرقي أبو سعيد. مولى الزهريين، روى السيرة عن ابن هشام، وكان ثقة، وهو أخو المحدثين أحمد ومحمد.
وفيها محمد بن وضاح الحافظ، الإمام أبو عبد الله الأندلسي، محدث قرطبة. وهو في عشر التسعين. رحل مرتين إلى المشرق. وسمع إسماعيل ابن أبي أويس، وسعيد منصور، والكبار، وكان فقيراً زاهداً قانتاً لله صابراً بصيراً بعلل الحديث.
وفيها علي بن عبد العزيز، أبو الحسن البغوي المحدث، بمكة، وقد جاوز التسعين، سمع أبا نعيم وطبقته، وهو عم أبو القاسم البغوي عبد الله بن محمد.
وفيها الكديمي، وهو أبو العباس محمد بن يونس القرشي العامي البصري الحافظ، في جمادى الآخرة، وقد جاوز المائة بيسير. روى عن أبي داود الطيالسي، وزوج أمه، روح بن عبادة وطبقتهما، وله مناكير ضعف بها.

.سنة سبع وثمانين ومئتين:

في المحرم، قصدت طي ركب العراق لتأخذه كعام أول بالمعدن، وكانوا في ثلاثة آلاف، وكان أمير الحاج أبو الأغر، فواقعوهم يوماً وليلة، والتحم القتال، وجدلت الأبطال، ثم أيد الله الوفد، وقتل رئيس طي صالح بن مدرك، وجماعة من أشراف قومه، وأسر خلق وانهزم الباقون، ثم دخل الركب بالأسدي والرؤوس على الرماح.
وفيها سار العباس الغنوي في عسكره، فالتقى أبا سعيد الجنابي، فأسر العباس، وانهزم عسكره، وقيل بل أسر سائر العسكر وضربت رقابهم، وأطلق العباس فجاء وحده إلى المعتضد برسالة الجنابي، أن كف عنا واحفظ حرمتك.
وفيها غزا المعتضد وقدم طرسوس ورد إلى أنطاكية وحلب.
وفيها سار الأمير بدر، فبيت القرامطة وقتل منهم مقتلة عظيمة.
وفيها توفي الإمام أبو بكر أحمد بن عمرو بن أبي عاصم الضحاك ابن مخلد الشيباني البصري الحافظ، قاضي أصبهان وصاحب المصنفات، وهو في عشر التسعين، في ربيع الآخر، سمع من جده لأمه موسى بن إسماعيل، وأبي الوليد الطيالسي وطبقتهما، وكان إماماً فقيهاً ظاهريا صالحاً ورعاً، كبير القدر، صاحب مناقب.
وفيها زكريا بن يحيى السجزي الحافظ أبو عبد الرحمن. خياط السنة بدمشق، وقد نيف على التسعين، روى عن شيبان بن فروخ وطبقته، وكان من علماء الأثر وقيل توفي سنة تسع وثمانين.
وفيها يحيى بن منصور، أبو سعد الهروي الحافظ. شيخ هراة ومحدثها وزاهدها، في شعبان. وقيل توفي سنة اثنتين وتسعين.
وفيها في رجب. قطر الندى، بنت الملك خمارويه بن أحمد بن طولون. زوجة المعتضد. وكانت شابة بديعة الحسن عاقلة.

.سنة ثمان وثمانين ومئتين:

فيها ظهر أبو عبد الله الشيعي بالمغرب، فدعا العامة إلى الإمام المهدي عبيد الله، فاستجابوا له.
وفيها كان الوباء المفرط بأذربيجان، حتى فقدت الأكفان. وكفنوا في اللبود، ثم بقوا مطرحين في الطرق.
ومات أمير أذربيجان محمد بن أبي الساج وسبعمئة من خواصه وأقاربه، ومات ابنه الأفشين.
وفيها بشر بن موسى أبو علي الأسدي المحدث في ربيع الأول ببغداد روى عن هوذة بن خليفة والأصمعي وسمع من روح بن عبادة حديثا واحداً وكان ثقة رئيساً محتشما كثير الرواية عاش ثمانيا وتسعين سنة.
وفيها توفي مفتي بغداد، الفقيه عثمان بن سعيد بن بشار، أبو القاسم البغدادي الأنماطي، صاحب المزني، في شوال، وهو الذي نشر مذهب الشافعي ببغداد، وعليه تفقه أبو العباس بن سريج. وفيها توفي معلى بن المثنى بن معاذ بن معاذ العنبري البصري المحدث، روى عن القعنبي وطبقته، وسكن بغداد، وكان ثقة عارفا بالحديث.
وفيها الفقيه العلامة، أبو عمرو يوسف بن يحيى المغامي الأندلس، تلميذ عبد الملك بن حبيب، وصاحب التصانيف، ألف كتابا في الرد على الشافعي، واستوطن القيروان، وتفقه به خلق.

.سنة تسع وثمانين ومئتين:

فيها خرج بالشام، يحيى بن زكرويه القرمظي، وقصد دمشق، فحاربه طغج بن جف متوليها غير مرة، إلى أن قتل يحيى في أول سنة تسعين.
وفيها توفي المعتضد بالله أبو العباس أحمد بن الموفق ولي عهد المسلمين أبي أحمد طلحة بن المتوكل على الله جعفر بن المعتصم العباسي، في ربيع الآخر، ومرض أياماً، وكانت خلافته أقل من عشر سنين، وعاش ستاً وأربعين سنة، وكان أسمر نحيفاً معتدل الخلق، تغير مزاجه من إفراط الجماع، وعدم الحمية في مرضه، وكان شجاعا مهيباً حازما، فيه تشيع.
وفيها توفي بدر التركي، مولى المعتضد ومقدم جيوشه، عمل الوزير عبيد الله عليه، ووحش قلب المتكفي بالله عليه. وكان في جهة فارس يحارب، فطلبه المكتفي بالله وبعث له أماناً وغدر به. وقتله في رمضان.
وفيها بكر بن سهل الدمياطي المحدث، في ربيع الأول. سمع عبد الله ابن يوسف التينسي وطائفة. ولما قدم القدس، جمعوا له ألف دينار. حتى روى لهم التفسير.
وفيها حسين بن محمد، أبو علي القباني النيسابوري الحافظ. صاحب المسند والتاريخ، سمع إسحاق بن راهويه وخلقا من طبقته وكان إليه يجتمع أصحاب الحديث بنيسابور. بعد مسلم. وفيها الحسين بن محمد بن فهم، أبو علي البغدادي الحافظ، أحد أئمة الحديث. أخذ عن يحيى بن معين، وروى الطبقات عن ابن سعد.
وفيها علي بن عبد الصمد الطيالسي، ولقبه علان ما غمه. روى عن أبي عمر الهذلي وطبقته. وفيها عمرو بن الليث الصفار، الذي كان ملك خراسان، قتل في الحبس عند موت المعتضد، لأنه كان له أياد على المكتفي بالله، فخاف الوزير أن يخرجه ويتمكن، فينتقم من الوزير. وفيها يحيى بن أيوب العلاف المصري، صاحب سعيد بن أبي مريم والعباس بن الفضل الأسفاطي صاحب أبي الوليد الطيالسي وفيها يوسف بن يزيد بن كامل، أبو يزيد القراطيسي المصري، صاحب أسد بن موسى يقال له أسد السنة.
وفيها محمد بن محمد أبو جعفر التمار البصري، صاحب أبي الوليد الطيالسي.
وفيها محمد بن هشام بن أبي الدميك، أبو جعفر الحافظ، صاحب سليمان بن حرب، ببغداد. وهؤلاء من كبار شيوخ الطبراني.

.سنة تسعين ومئتين:

فيها حاصرت القرامطة دمشق، فقتل طاغيتهم يحيى بن زكرويه فخلفه أخوه الحسين صاحب الشامة، فجهز المكتفي عشرة آلاف لحربهم، عليهم الأمير أبو الأغر، فلما قاربوا حلب، كبستهم القرامطة ليلاً، ووضعوا فيهم السيوف، فهرب أبو الأغر في ألف نفس، فدخل حلب وقتل تسعة آلاف، ووصل المكتفي إلى الرقة، وجهز الجيوش إلى أبي الأغر، وجاءت من مصر العساكر الطولونية مع بدر الحمامي، فهزموا القرامطة، وقتلوا منهم خلقا، وقيل بل كانت الوقعة بين القرامطة والمصريين بأرض مصر، وأن القرمطي صاحب الشامة، انهزم إلى الشام، ومر على الرحبة وهب ينهب ويسبي الحرم، حتى دخل الأهواز. وكان زكرويه القرمطي. يكذب ويزعم أنه من آل الحسين بن علي رضي الله عنهما.
وفيها دخل عبيد الله الملقب بالمهدي المغرب متنكرا. والطلب عليه من كل وجه. فقبض عليه متولي سجلماسة وعلى ابنه. فحاربه، أبو عبيد الشيعي داعي المهدي. فهزمه ومزق جيوشه، وجرت بالمغرب أمور هائلة. واستولى على المغرب المهدي المنتسب إلى الحسين بن علي أيضاً بكذبه وكان باطني الاعتقاد وهو الذي بنى المهدية بالمغرب.
وفيها توفي الحافظ أبو العباس، أحمد بن علي الأبار ببغداد، روى عن مسدد، وعلي بن الجعد وطبقتهما.
وفيها الحافظ أبو عبد الرحمن عبد الله بن الإمام أحمد بن محمد بن حنبل الذهلي الشيباني، ببغداد. في جمادى الآخرة، وله سبع وسبعون سنة كأبيه، وكان إماماً خبيراً بالحديث وعلله مقدما فيه. وكان من أروى الناس عن أبيه وقد سمع من صغار شيوخ أبيه، وهو الذي رتب مسند والده.
وفيها محمد بن زكريا الغلابي الأخباري أبو جعفر، بالبصرة روى عن عبد الله بن رجاء الغداني وطبقته. قال ابن حبان: يعتبر بحديثه إذا روى عن الثقات.
وفيها محمد بن يحيى بن المنذر أبو سليمان القزاز مصري معمر توفي في رجب، وقد قارب المائة أو كملها، روى عن سعيد بن عامر الضبعي، وأبي عاصم، والكبار.

.سنة إحدى وتسعين ومئتين:

فيها خرجت الترك في جيش لجب، فاستنفر إسماعيل بن أحمد، الناس عامة، وكبس الترك في الليل فقتل فيهم مقتلة عظيمة، وكانت من الملاحم الكبار، ونصر الله، ولكن أصيب المسلمون من جهة أخرى خرجت الروم في مائة ألف، فوصلوا إلى الحدث فقتلوا وسبوا وأحرقوا ورجعوا سالمين، فنهض جيش من طرسوس، عليهم غلام زرافة، فوغلوا في الروم، حتى نازلوا أنطاكية مدينة صغيرة قريبة من قسطنطينية العظمى ففتحوها عنوة، وقتلوا من الروم نحو خمسة آلاف، وغنموا غنيمة عظيمة لم يعهد بمثلها، بحيث إنه بلغ سهم الفارس، ألف دينار ولله الحمد.
وأما القرمطي صاحب الشامة، فعظم به الخطب، والتزم له أهل دمشق بمال عظيم، حتى ترحل عنهم، وتملك حمص، وسار إلى حماة والمعرة، فقتل وسبي وعطف إلى بعلبك، فقتل أكثر أهلها ثم سار فأخذ سلمية وقتل أهلها قتلا ذريعاً، حتى ما ترك بها عينا تطرف، وجاء جيش المكتفي، فالتقاهم بقرب حمص فكسروه وأسر خلق من جنده، وركب هو وابن عمه الملقب بالمدثر وآخر، فاخترقوا ثلاثتهم ابن البرية، فمروا بدالية ابن طوق، فأنكرهم والى تلك الناحية، فقررهم، فاعترف صاحب الشامة، فحملهم إلى المكتفي بالله فقتلهم وحرقهم.
وفيها توفي ثعلب العلامة أبو العباس أحمد بن يحيى الشيباني مولاهم الكوفي النحوي. صاحب التصانيف. في جمادى الأولى ببغداد. وله إحدى وتسعون سنة، قرأ العربية على ابن الأعرابي وغيره، وسمع من عبيد الله القواريري وطائفة. وانتهت إليه رئاسة الأدب في زمانه.
وفيها علي بن الحسين بن الجنيد الرازي، الحافظ الكبير أبو الحسن. في آخر السنة، ويعرف بالمالكي. لتصنيفه حديث مالك، طوف الكثير، وسمع أبا جعفر النفيلي وطبقته، وعاش نيفاً وثمانين سنة.
وفيها قنبل قارىء أهل مكة، وهو أبو عمر محمد بن عبد الرحمن المخزومي مولاهم المكي، وله ست وتسعون سنة، شاخ وانهرم، وقطع الإقراء قبل موته بسبع سنين، قرأ على أبي حسن القواس، ورحل إليه القراء وجاوروا وحملوا عنه.
وفيها القاسم بن عبيد الله الوزير ببغداد، وزر للمعتضد والمكتفي. وكان أبوه أيضا وزير المعتضد، وكان القاسم قليل التقوى كثير الظلم، وكان يدخله من ضياعه في العام سبعمئة ألف دينار، ولما مات أظهر الناس الشماتة بموته.
وفيها محمد بن أحمد بن البراء القاضي أبو الحسن العبدي،
ببغداد، روى عن ابن المديني وجماعة.
وفيها محمد بن أحمد بن النضر، أبو بكر الأزدي، ابن بنت معاوية بن عمرو، وله خمس وتسعون سنة، روى عن جده والقعنبي، وكان ثقة.
وفيها، محمد بن إبراهيم البوشنجي، الإمام الحبر أبو عبد الله، شيخ أهل الحديث بخراسان، في أول السنة، رحل وطوف، وروى عن أحمد بن يونس، ومسدد والكبار، وكان من أوعية العلم. قد روى عنه البخاري حديثا في صحيحه، عن النفيلي. وآخر من روى عنه، إسماعيل بن نجيد. وفيها محدث مكة، محمد بن علي بن زيد الصائغ، في ذي القعدة، وهو في عشر المائة، روى عن القعنبي، وسعيد بن منصور.
وفيها مقرىء أهل دمشق هرون بن مومى بن شريك المعروف بالأخفش، صاحب ابن ذكوان في عشر المائة.

.سنة اثنتين وتسعين ومئتين:

فيها خرج صاحب مصر، هارون بن خمارويه الطولوني عن الطاعة، فسارت جيوش المكتفي لحربه، وجرت لهم وقعات، ثم اختلف أمراء هارون واقتتلوا، فخرج ليسكنهم، فجاءه سهم فقتله، ودخل الأمير محمد بن سليمان، قائد جيش المكتفي بالله فتملك الإقليم، واحتوى على الخزائن، وقتل من آل طولون بضعة عشر رجلاً، وحبس طائفة، وكتب بالفتح إلى المكتفي. وقيل: إنه هم بالمضي إلى المكتفي أعني هارون فامتنع عليه أمراؤه، وشجعوه، فأبى، فقتلوه غيلة، ولم يمنع محمد بن سليمان، فإنه أرعد وأبرق، وخيف من غلبته على بلاد مصر، فكاتب وزير المكتفي القواد فقبضوا عليه.
وفيها خرج الخلنجي القائد بمصر، وحارب الجيوش. واستولى على مصر.
وفيها توفي القاضي الحافظ، أبو بكر المروزي أحمد بن على بن سعيد. قاضي حمص، في آخر السنة. روى عن علي بن الجعد، وطبقته.
وفيها الحافظ الكبير أبو بكر البزار، أحمد بن عمرو بن عبد الخالق البصري، صاحب المسند الكبير، في ربيع الأول بالرملة. روى عن هدبة بنت خالد وأقرانه، وحدث في آخر عمره بأصبهان والعراق والشام.
قال الدارقطني: ثقة يخطئ ويتكل على حفظه.
وفيها أحمد بن محمد بن الحجاج بن رشدين بن سعد، الحافظ أبو جعفر المهري المقرىء المصري قرأ القرآن على أحمد بن صالح، وروى عن سعيد بن عفير وطبقته. وفيه ضعف. قال ابن عدي: يكتب حديثه.
وفيها أبو مسلم الكجي إبراهيم بن عبد الله البصري الحافظ. صاحب السنن، ومسند الوقت، في المحرم. وقد قارب المئة أو كملها، سمع أبا عاصم النبيل والأنصاري والكبار، وثقه الدراقطني. وكان محدثا حافظا محتشما كبير الشأن، قيل إنه لما فرغوا من سماع السنن عليه. عمل لهم مائدة غرم عليها ألف دينار، نصدق بجملة منها. ولما قدم بغداد، ازدحموا عليه حتى حزر مجلسه بأربعين ألف وزيادة، وكان في المجلس سبعة مستملين كل واحد يبلغ الآخر.
وفيها إدريس بن عبد الكريم أبو الحسن الحداد المقرئ المحدث يوم الأضحى ببغداد، وله نحو من تسعين سنة، روى عن عاصم بن علي وطبقته، وقرأ القرآن على خلف، وتصدر للإقراء والعلم.
قال الدارقطني: هو فوق الثقة بدرجة.
وفيها محدث واسط بحشل، وهو الحافظ أبو الحسن أسلم بن سهل الرزاز، روى عن جده لأمه وهب بن بقية وطبقته. وصنف التصانيف.
وفيها قاضي القضاة أبو حازم عبد الحميد بن عبد العزيز الحنفي ببغداد، وكان من القضاة العادلة، له أخبار ومحاسن، ولما احتضر، كان يقول: يا رب من القضاء إلى القبر، ثم يبكي. روى عن بندار.
وفيها محمد بن أحمد بن سليمان، الإمام أبو العباس الهروي، فقيه محدث صاحب تصانيف، رحل إلى الشام والعراق، وحدث عن أبي حفص الفلاس وطبقته.
وفيها يحيى بن منصور، أبو سعيد الهروي، أحد الأئمة في العلم والعمل، حتى قيل إنه لم ير مثل نفسه، روى عن سويد بن نصْر وطبقته.

.سنة ثلاث وتسعين ومئتين:

فيها التقى الخلنجي المتغلب على مصر وجيش المكتفي بالعريش، فهزمهم أقبح هزيمة.
وفيها عاثت القرامطة بالشام وقتلوا، وسبوا وما أبقوا ممكنا، بحوران وطبرية وبصرى، ودخلوا السماوة فطلعوا إلى هيت فاستباحوها، ثم وثبت هذه الفرقة الملعونة، على زعيمها ابن غانم فقتلوه. ثم جمع رأس القوم زكرويه. والد صاحب الشامة جموعا ونازل الكوفة. فقاتله اهلها، ثم جاءه جبش الخليفة، فالتقاهم وهزمهم. ودخل الكوفة يصيح، قومه: يا ثارات الحسين يعنون صاحب الخال ولد زكرويه لا رحمه الله.
وفيها سار فاتك المعتضدي. فالتقى الخلنجي، فانهزم الخلنجي، وكثر القتل في جيشه، واختفى الخلنجي. فدل عليه رجل، فبعثه فاتك في جمع من قواده إلى بغداد، فأدخلوا على الجمال وحبسوا.
وفيها توفي أبو العباس الناشي الشاعر المتكلم، عبد الله بن محمد بمصر.
وفيها عبدان بن محمد بن عيسى المروزي أبو محمد، سمع قتيبة وجماعة، وكان فقيهاً علامة رأسا في الفقه وغوامضه زاهداً عابداً صاحب حديث.
وفيها عيسى بن محمد أبو العباس الطهماني المروذي اللغوي، كان إماما في العربية، روى عن إسحاق بن راهويه، وهو الذي رأى بخوارزم المرأة التي بقيت نيفاً وعشرين سنة، لا تأكل ولا تشرب.
وفيها محمد بن أسد المدايني، أبو عبد الله الزاهد وكان يقال إنه مجاب الدعوة، عمر أكثر من مئة سنة، وحدث عن أبي داود الطيالسي بمجلس واحد.
وفيها أبو أحمد محمد بن عبدوس بن كامل السراج الحافظ. ببغداد في رجب، روى علي بن الجعد وطبقته.

.سنة أربع وتسعين ومئتين:

فيها أخذ ركب العراق زكرويه القرمطي، وقتل الناس قتلا ذريعاً، وحوى ما قيمته ألف ألف دينار. وهلك من الحجيج عشرون ألف إنسان، ووقع البكاء والنوح في البلدان، وعظم هذا على المكتفي، فبعث الجيش لقتاله، وعليهم وصيف بن صوراتكين فالتقوا، فأسر زكرويه وخلق من أصحابه. وكان مجروحاً. فمات إلى لعنة الله بعد خمسة أيام، فحمل ميتا إلى بغداد، وقتل أصحابه ثم أحرقوا، وتمزق أصحابه في البرية.
وفيها توفي الحافظ الكبير. أبو على صالح بن محمد بن عمرو الأسدي البغدادي خرزة. محدث ما وراء النهر، نزل بخارى وليس معه كتاب. فروى بها الكثير من حفظه، روى عن سعدويه الواسطي، وعلي بن الجعد. وطبقتهما. ورحل إلى الشام ومصر والنواحي، وصنف وجرح وعدل، وكان صاحب نوادر ومزاح.
وفيها صباح بن عبد الرحمن، أبو الغصن العتقي الأندلسي المعمر، مسند العصر بالأندلس. روى عن يحيى بن يحيى وأصبغ بن الفرج وسحنون.
قال ابن الفرضي: بلغني أنه عاش مئة وثمانية عشر عاما. وتوفي في المحرم.
وفيها عبيد العجل. الحافظ وهو أبو علي الحسين بن حاتم محمد، في صفر،روى عن يحيى معين وطبقته.
وفيها محمد بن الإمام إسحاق بن راهويه، القاضي أبو الحسن. روى عن أبيه وعلي بن المديني، قتل يوم أخذ الركب شهيدا.
وفيها محمد بن أيوب بن يحيى بن الضريس، الحافظ أبو عبد الله البجلي الرازي، محدث الري، يوم عاشوراء، وهو في عشر المئة، روى عن مسلم بن إبراهيم، والقعنبي والكبار. وجمع وصنف، وكان ثقة.
وفيها محمد بن معاذ، دران الحلبي، محدث تلك الناحية، أصله من البصرة، روى عن القعنبي، وعبد الله بن رجاء وطبقتهما، ورحل إليه المحدثون.
وفيها محمد بن نصر المروزي، الإمام أبو عبد الله أحد الأعلام، كان رأسا في الفقه، رأسا في الحديث، رأسا في العبادة.
قال أبو عبد الله بن الأخرم الحافظ قال: كان محمد بن نصر يقع على أذنه الذباب وهو في الصلاة. فسيل الدم وهو لا يذبه، كان ينتصب كأنه خشبة.
قال أبو إسحاق الشيرازي: كان من أعلم الناس بالاختلاف. وصنف كتباً.
وقال شيخه في الفقه محمد بن عبد الله بن عبد الحكم: كان محمد بن نصر عندنا إماماً فكيف بخراسان؟ وقال غيره: لم يكن للشافعية في وقت مثله، سمع يحيى بن يحيى، وشيبان ابن فروخ وطبقتها. وتوفي في المحرم بسمرقند. وهو في عشر التسعين.
وفيها الإمام موسى بن هارون بن عبد الله. أبو عمران البغدادي البزار الحافظ. ويعرف أبوه بالحمال، كان إمام وقته في حفظ الحديث وعلله.
قال أبو بكر الضبعي: ما رأينا في حفاظ الحديث أهيب ولا أورع من موسى بن هارون، سمع علي بن الجعد وقتيبة وطبقتهما.